عتبة البداية أقصر مما تبدو عليه
مؤخرًا زاد الوعي بشأن الصحة النفسية، وأهمية طلب المساعدة، ومقارنةً بالسابق فالسبل إلى طلب المساعدة تيسّرت، وزادت الأماكن التي توفّر الخدمات الموثوقة. إلا أن خطوة الذهاب للمعالج النفسي والانفتاح بشأن المشاكل الخاصة تبقى صعبة ومقلقة للبعض، مما يدفعهم لتأجيلها أو تناسي الفكرة.
-في هذه التدوينة أردّ على ٥ مخاوف شائعة حول الذهاب للعيادة النفسية للمرة الأولى.
١- كيف أتخلص من فكرة أنّي ضعيف ومستسلم حينما أطلب المساعدة؟
هذه الفكرة تتكرّر عند كثير من الشخصيات خصوصًا القلقة والتي لم تعتاد الانكشاف وطلب المساعدة، إلا أنك يجب أن تدرك أن وجود هذه الفكرة راجع لمعتقداتك السابقة وبعض خبراتك التي تقول أن طلب المساعدة ضعف ومنفذ استغلال من الآخرين لك. الحقيقة أن طلب المساعدة هو شكل من أشكال القوّة، وأقول قوّة لأن الاعتراف بوجود المشكلة صعبٌ ومهمّ في نفس الوقت، ثم الاعتراف بأن هناك من يستطيع مساعدتك أكثر من نفسك هو ليس نقصًا بك، بل من إرادة الله للبشر أن تكون قدراتنا مختلفة، واختلافها يسخّرنا لبعضنا.
٢- مالذي يجعلني أجزم أنّي أحتاج مساعدة متخصصة؟
إذا سببت المشكلات التي تواجهها إعاقة متكررة في أحد جوانب الحياة الأكاديمية أو الصحية أو الاجتماعية فمن المفيد التوجه لمكان متخصص.
العلاج النفسي واسع، ولا يختص فقط في علاج الاضطرابات النفسية الشديدة، بل يساعد في علاج المشكلات العابرة، وتقوية الشخصية، والتعامل مع الضغوط والانفعالات ومشاكل العلاقات وغيرها.
٣- ماذا لو لم أستطع التعبير عن نفسي ومخاوفي وأضعت وقتي ووقت المعالج؟
غالبًا هذا الخوف راجع لغرابة التجربة عليك، ويزول أو يقلّ هذا التوتر بمجرّد وجودك في المكان، والمعالج يستوعب هذا الخوف ويعرف أن الخطوة الأولى مهمة حتى لو لم يستطع الإلمام بكامل المشكلة.
والجلسة العلاجية تفاعلية، فالمعالج سيأخذ جزءًا من هذا العبء عنك بأن يستفتح الجلسة بأسئلة مغلقة تساعدك بالإجابة على الأسئلة المفتوحة، ومن حقك التدرّج في الانكشاف وتأجيل الخوض في بعض المواضيع لحين تطمئن.
أيضًا، كتابة بعض النقاط المهمة قبل دخولك الجلسة سيجعل تعبيرك أسهل.
٤- ماذا لو كانت التجربة مزعجة ولم أستفد منها/لم يعجبني المعالج؟
هذه نقطة مهمة: المعالج رسول للمعرفة والعلم، وطريقة علاجه تعتمد على أكثر من عامل: سمات شخصيته، علمه، خبرته، مدى التوافق والقبول. لذلك من الخطأ تقييم العلاج النفسي من خلال المعالج، بل من حقك التجربة المتكررة وتغيير المعالج والبحث عن العلاج المناسب لك. وهنا نقطة مهمة أخرى: عدم نجاح التجربة محتمل فلا تنسب الخطأ لنفسك، وأرجو ألّا تجعله سببًا لترك المحاولات كلها.
٥- أخاف من الدخول لعالم العلاج بسبب الأدوية النفسية.
لا يلزم كل الحالات أن تستخدم الأدوية، فالعلاج النفسي بالكلام هو الأساس لأغلب الحالات، وحتى إذا تطلّب الأمر إدخال العلاج الدوائي فيكون مصاحبًا للجلسات وليس بديلًا عنها غالبًا. والأمر أهون مما تتصوّر، فالأدوية آمنة بإذن الله، وتكون بمتابعة طبيب متخصص يتابع تقدّم حالتك والإجابة على مخاوفك بشأنها، ويساعدك في النهاية على الاستغناء عنها.
انتهى، هذه بعض الأسئلة الشائعة التي أسمعها وأرجو أن أكون وُفقت للإجابة بشكل واضح عنها. من لديه تساؤل آخر أرحب بقبوله في التعليقات أو عبر أي وسيلة تواصل موجودة🌻